عاش الشعب التونسي بصفة عامّة و جمهور الترجّي الرياضي التونسي بصفة خاصّة على وقع إحرازه بطولة إفريقيا للأندية البطلة و المعروفة بلقب رابطة أبطال إفريقيا. فكانت طبعا الفرحة تغمر شوارع العاصمة و كذلك عديد المدن داخل الجمهوريّة التي تفاعلت مع هذا الحدث الكبير على المستوى الرياضي و تحديدا رياضة كرة القدم. هو فعلا حدث كبير لما فيه من فخر و إعتزاز لتونس التي ترفع لقبها الأغلى قارّيا للخامس مرّة بعد ثلاثة تتويجات للترجّي (1994, 2011 و 2018) و تتويج واحد لكلّ من النّادي الأفريقي و النجم الرياضي الساحلي. فرحة جماهير الترجّي في العاصمة و داخل الجمهوريّة بهذا اللّقب الغالي و بهذا التتويج المُستحقّ كانت لا بدّ أن تحظى بتغطية إعلاميّة في مستوى الحدث.
فكانت إدارة الترجّي و لاعبيه تُلبّي دعوات مختلف قنوات التلفزيون التونسيّة بصدر رحب حتى لا يختصر الحضور على قناة دون أخرى و يتمتّع في الأخير المشهد الإعلامي بهذه الفرحة الكبيرة. الّا أنّ بعض الأطراف أرادت في خضمّ هذه الأجواء الإحتفاليّة أن تُبرز كرهها و حقدها لا للترجّي الرياضي فحسب بل كرهها و حقدها للمظاهر الإحتفاليّة التي غمرت البلاد بأكملها. و كأنّ بهذه الأطراف إستخسرت على الشعب التونسي أو بالأحرى على شعب المكشّخة بضعة أيّام من الإحتفالات المُستحقّة.
كيف لا و نحن شاهدنا و سمعنا مقتطفات و تعليقات تبعث البهتة و الحيرة لما فيها من رُخص و قلّة معروف و إحياء للنعارات الجهويّة التي تزيد من التفرقة و الإنشقاق داخل الشعب الواحد. الأمر قد يكون أقلّ وطئة لو دار في المقاهي أو في بعض الأماكن الخاصّة رغم خطورة الموضوع، لكن أن يدور هذا الكلام المُريب و هذه المشاهد المرضيّة على بعض أمواج الأثير فهذا يصبح من قبيل الحقد و الكره المفضوح. الأدهى و الأمرّ هو ذلك التصرّف المشين الذي سمعناه و قرأناه و تابعناه على إذاعة ديوان أف أم بعد تصريح الدولي السابق حاتم الطرابلسي شفاه الله و كذلك الدولي السابق الآخر زياد الجزيري مرفوقا بالحكم الأسبق مكرم اللڤّام على أمواج إذاعة كنوز أف أم.
كلام و مواقف يندى لها الجبين تكرِّس للجهويّة بصفة تكاد تكون مُمنهجة إكتست صيغة « مشروعة » بتشارك مقدّمي تلك البرامج و مسؤولي تلك الإذاعات الخاصّة. لسائل أن يسأل ما هي أسباب هذه الحملة المسعورة ؟ ما تخفي هذه الحصص الإذاعيّة من هكذا مواقف خطيرة ؟ لماذا لم تتحرّك السّلطات المعنيّة من « هايكا » و رقابة جهويّة أمام مثل هذه الموجة الواضحة الدنائة و الحقارة ؟ ختاما نُذكَّر هذه الأطراف المريضة أنّ تكريم فريق الترجّي الرياضي و إستقباله من طرف رئيس الجمهوريّة و برلمان الشعب يأتي في إطار تكريم فريق تونسي رفع راية البلاد عاليا، للمرّة الثالثة، خاصّة بعد أن كان رئيس جمهوريّة أسبق في شخص المنصف المرزوقي، صاحب الكتاب الأسود، قد كرّم فريق الأهلي المصري سنة 2012 بتونس بالذات و في مؤسسة من مؤسسات الدولة بعد فوزه باللقب امام الترجّي بتونس بالذات. حينها لم يُحرّك أحد ساكنا و لم يستهجن أحد هذا الإستفزاز الفضيع في حقّ الترجّي، لأنّ قلوب هذه الأطراف التي تهاجم اليوم الترجّي هي أسودْ من ذلك الكتاب المشؤوم و أكثر بكثير.